للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجوز قتل نسائهم وصبيانهم إذا لم يقاتلوا.

لما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان.

فمن وقع في الأسر من نسائهم وصبيانهم صار رقيقاً وكان حكمه حكم سائر أموال الغنيمة خمسه لأهل الخمس وأربعة أخماسه للغانمين، وكذلك حكم عبيدهم إذا وقعوا في الأسر.

أما الرجال الأحرار العاقلون البالغون إذا وقعوا في الأسر فالإمام فيهم بالخيار بين أن يقتلهم صبراً، وبين أن يمن عليهم فيخلي سبيلهم وبين أن يفاديهم ويكون مال الفدية في الغنيمة وبين أن يسترقهم فيقسمهم كسائر أموال الغنيمة ويختار منها ما هو أنفع للمسلمين.

وهل يحل قتل شيوخهم الذين لا قتال منهم نظر إن كان شيخاً له رأي في الحرب جاز قتله.

قتل دريد بن الصمة يوم حنين وهو ابن خمس ومائة سنة وكان شيخاً لا يستطيع الجلوس فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر قتله وإن لم يكن له رأي هل يجوز قتله؟ فيه قولان.

وكذلك العسفاء الذين لا يقاتلون والرهبان وأصحاب الصوامع والعميان والزمنى الذين لا يرجى زوال زمانتهم هل يجوز قتلهم؟ فيه قولان:

أحدهما: وهو اختيار المزني رحمه الله: لا يتركون ويقتلون؛ لأنه كافر حر مكلف كالشبان.

والثاني: وبه قال أبو حنيفة رحمه الله: "لا يقتلون لأنهم لا يقاتلون كالنساء والصبيان".

روي أن أبا بكر بعث جيشاً إلى الشام فنهاهم عن قتل الشيوخ وأصحاب الصوامع.

ومن قال بالأول أجاب بأنه إنما نهي عن قتلهم؛ ليشتغلوا بالأهم وهم المقاتلة. كما أنه نهى عن قطع الأشجار المثمرة.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير (١) .

ولكن نهي عنه؛ ليشتغلوا بالأهم ولأنه كان يرجو إبقاء نفعها للمسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان وعدهم فتح الشام.


(١) متفق عليه. انظر: صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير - باب حرق الدور والنخيل ٤٧٦، صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير - باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها ٣١٣٦٥.