للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روي عن الصعب بن جثامة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم قال: " وهم منهم " (١) .

وإن كان فيهم مسلمون مستأمنون أو أسارى فهل يجوز أن يفعل لهم ما يعممهم بالهلاك من التحريق والتغريق ونصب المنجنيق؟ نظر:

إن كان في حالة التحام القتال أو الخوف على المسلمين أن يظفر بهم الكفار يجوز، لأن حفظ المجاهدين أولى من حفظ من بأيديهم وإن لم يكن ذلك، أو كانوا في حصن فهل يجوز أن يفعل بهم ذلك؟ فيه قولان:

أحدهما: يجوز حتى لا يؤدي إلى تعطيل الجهاد كما لو كان فيهم نساؤهم وذراريهم.

والثاني: لا يجوز لأنه لا ضرورة إليه بخلاف الذراري والنساء فإنهم منهم.

وإن تترسوا بأطفالهم ونسائهم. فإن كان في حال التحام القتال جاز الرمي ويتوقى الأطفال والنساء ما أمكنه، لأنا لو تركنا رميهم بمثل ذلك لتعطل أمر الجهاد وإن كان في غير حال الحرب ففيه قولان:

أحدهما: يجوز الرمي حتى لا يتعطل الجهاد ويتوقى الأطفال والنساء.

والثاني: لا يجوز الرمي، لأنه يؤدي إلى قتل أطفالهم ونسائهم من غير ضرورة.

وإن تترسوا بمسلم نظر:

إن لم يكن في حال التحام القتال لا يجوز أن يضربه، فإن ضربه وقتله فهو كما لو قتل رجلاً في دار الحرب إن علمه مسلماً عليه القود، وإن ظنه كافراً فلا قود عليه وتجب الكفارة، وفي الدية قولان. فإن كان في حال التحام القتال والاضطرار إلى الرمي بالخوف على نفسه وهو يعلم أنه مسلم فيرمي الكافر ويتوقى المسلم، فإن توصل إلى إصابة الكافر من غير أن يصيب المسلم فأصاب المسلم وجب عليه القود.


(١) متفق عليه. انظر: صحيح البخاري: كتاب الجهاد - باب أهل الدار يبيتون ٤٧٤، صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير - باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد ٣١٣٦٤.