وهذا القول غير مقبول، لحكمه على الحديث بلا علم، وقد رواه العلماء الثقات في مصنفاتهم، ولم يحكموا عليه بالضعف أو الوضع، كما أن قلب لام التعريف ميمًا في كلام حمير وغيرهم من أهل اليمن، كالأزد وطيء أمر مستفيض مشهور عند العلماء قديمًا وحديثًا، والشواهد على ذلك كثيرة، ذكرنا شيئًا منها فيما تقدم.
وحكم ابن جني على إبدال اللام ميمًا في هذه اللغة بالشذوذ الذي لا يسوغ القياس عليه.وفي هذا الحكم نظر، لأنها "لغة قوم بأعيانهم ... ولا يجوز الحكم على لغة قوم بالضعف ولا بالشذوذ. نعم لا يجوز القياس بإبدال كل لام ميمًا، ولكن يتبع إن سمع" كما قال في الخصائص: "الناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ، وإن كان غير ما جاء به خيرًا منه". أو كما قال أبو حيان:"كل ما كان لغة لقبيلة قيس عليه".
وقد فسر اللغويون قلب اللام ميما في هذه اللغة بأنهما من الأصوات الذلقية الشبيهة بأصوات اللين، والمخارج متقاربة بينهما، يشاركهما في ذلك النون والراء.وهذه الأصوات يبدل بعضها من بعض كثيرًا في اللغات السامية.
ومن أمثلة قلب اللام ميمًا في العربية:"انجبرت يده على عَثَم وعَثَل، وسَمَمْت ما عنده وسَمَلت ما عنده، أي: خبرته، وأصابته أزمة وأزلة، أي: سنة، وغُرْمَة وغُرْلَة، وهي القلفة، وامرأة غرلاء وغرماء".
٣- المعاقبة:
عرّف ابن سيده المعاقبة بأنها: دخول الياء على الواو، والواو على الياء من غير علة تصريفية، أما ما دخلت فيه الواو على الياء، والياء على الواو لعلة، فليس من المعاقبة، لأنه قانون من قوانين التصريف.
ويتضح من هذا التعريف أمران:
أحدهما: أن المعاقبة ليست ناشئة من علة تصريفية، فليس منها، نحو: ميزان وميقات، لأن الواو قلبت ياء لعلة تصريفية هي سكونها وانكسار ما قبلها.