غير أن نسبة الميل إلى الياء أو الواو إلى الحضارة أو البداوة قول لا يصدقه الواقع، فلو كان الأمر كما قال لخلت الواو من كلام الحضر والياء من كلام البدو، وهذا ما لم يصدقه واقع تلك القبائل التي وجد في لغاتها جميعًا الواوي واليائي، كالأمثلة المتقدمة. وهل لنا أن نقول - على رأيه هذا -: إنما آثر الأزديون الواو على الياء، لأنهم من القبائل البدوية؟ كلا فالأزديون - وهم من اليمن ذات الحضارة الموغلة في القدم - كانوا أكثر من القبائل المجاورة لهم في مواطنهم الجديدة ميلاً إلى الاستقرار، وأخذًا بأساليب التحضر، وإقبالاً على الأعمال التي يأنف منها البدوي، ولذلك تغلبوا على السكان الأصليين في المواطن الجديدة التي حلوا بها على الرغم من اضطرارهم إلى النزوح عن وطنهم، وإلى التشتت في أنحاء الجزيرة العربية.
المبحث الثاني: اللغات غير الملقبة:
عزي إلى الأزد عدد من ظواهر الإبدال اللغوي غير الملقبة، وسندرسها فيما يلي بحسب الحروف المبدل منها، مرتبة على حروف المعجم:
١- إبدال التاء دالاً:
تتحد التاء والدال في المخرج، وهو مما بين طرف اللسان وأصول الثنايا كما يتحدان في الشدة والإصمات والانفتاح والانسفال وهذا التجانس ساعد على حدوث التبادل بينهما في ألفاظ عدة، كقولهم: ستا الثوب وسداه، وغمد سيفه وغمته، والتفتر والدفتر، وهرد الثوب وهرته.
ومن صور هذا الإبدال ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقول:"جلدّه، وفزد"وهي لغته في "جلدته، وفزت".وقد عزاها إليه أبو الزناد وابن بونة.