قال: وما رأيت أفصح من هذا الأسْديّ. وحكى هذا الرجل عنهم: هذا خطّ يدا أخي بعينه. وذلك - وإن كان قليلاً - أقيس، لأن العرب قالوا: مسلمون فجعلوا الواو تابعة للضمة، لأن الواو لا تعرب، ثم قالوا: رأيت المسلمين، فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم، فلما رأوا أن الياء من الاثنين لا يمكنهم كسر ما قبلها، وثبت مفتوحاً، تركوا الألف تتبعه، فقالوا: رجلان في كل حال".
وينتسب بنو الحارث بن كعب إلى مِذْحَج، ودخل فيهم بطون من الأزد، وكانت لهم الرئاسة. وعدهم بعض علماء اللغة والنسب من الأزد.
وكما عزيت هذه اللغة إلى بني الحارث بن كعب فقد عزيت كذلك إلى خَثْعَم وزُبيد وعُذْرة ومُراد.
وعزيت إلى الأزد في تفسير قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}(١) قال أبو حيان: "والبيتوتة: هو أن تدرك الليل نمت أو لم تنم، وهو خلاف الظلول. وبجيلة وأزد السراة يقولون: يبات، وسائر العرب يقولون: يبيت" وقال السمين: "يبيت هي اللغة الفاشية، وأزد السراة وبجيلة يقولون: يبات، وهي لغة العوام اليوم".
واللغتان من غير عزو في الصحاح، والمحيط، والمصباح.
وبالنظر إلى القبائل التي عزيت إليها هذه اللغة - صراحة - نجدها جميعًا قبائل يمنية قحطانية تسكن جنوب الجزيرة العربية كالأزد وخثعم ومراد وبجيلة وبني الحارث بن كعب، أو قحطانية مهاجرة إلى الشمال كطيئ، وكانت قبل الهجرة تجاور إخوتها الأزد وبني الحارث بن كعب في موطن واحد حول منطقة مأرب.
ولا تزال هذه اللغة مسموعة إلى اليوم في بعض مناطق السراة وفي غيرها من نواحي الجزيرة العربية، فتسمع في السراة من يقول:(بات يبات) ، (بغاه يبغاه)(عناه يعناه) في: بات يبيت، وبغاه يبغيه، وعناه يعنيه.