٤ – وفي هذا دلالةٌ وإشارة إلى التلازم بين التوحيد العلمي بقسميه: توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، والتوحيد العملي الذي هو توحيد الألوهية.
فإنَّ العبد إذا أقرّ بربوبية الله وكماله في أسمائه وصفاته فإنَّ ذلك يستلزم أن لا يلجأ إلاّ إليه، ولا يقصد أحداً سواه، وإن لم يفعل ذلك فإنَّه لا يكون موحداً بمجرد إقراره بربوبيّة الله وإيمانه بأسماء الله وصفاته، فلو أقرّ بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كلِّ ما ينزه عنه، وأقرّ بأنه وحده خالق كلِّ شيء لم يكن من أهل الإيمان والتوحيد ما لم يشهد أنَّه لا إله إلاّ الله، ويعمل بمقتضى ذلك فلا يعبد إلاّ إيّاه، ولا يتوكل إلاّ عليه، ولا يعمل إلاّ لأجله.
٥ – تضمنها الإقرار بألوهية الله، وأنَّه وحده المعبود بحق ولا معبود بحق سواه، وذلك في قوله ((إلاّ بالله)) .
والله معناه كما قال ابن عباس رضي الله عنهما:((ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين)) [٦٤] ، وقد جمع رضي الله عنه في هذا التفسير بين ذكر الألوهية وهي الوصف المتعلق بالله من هذا الاسم فهو سبحانه المألوه المعبود المرجو المطاع الذي لا يستحق العبادة أحدٌ سواه، وبين وصف العبد وهو العبودية؛ إذ إنَّ عباد الله هم الذين يعبدونه ويألهونه ويقومون بطاعته وحده لا شريك له.
ثم إنَّ هذا الاسم مستلزمٌ لجميع أسماء الله الحسنى دالٌ عليها بالإجمال، والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين له، ولهذا كان من خصائص هذا الاسم أنَّ الله جلّ وعلا يضيف سائر الأسماء إليه كقوله:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[٦٥] ويقال: العزيز الحكيم الرحيم من أسماء الله، ولا يقال الله من أسماء الرحمن، فلهذا الاسم شأنه ومكانته وخصائصه.