للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما صح في الحديث: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده" (١) .

فالصدر الخالي من القرآن كالبيت الخرب تعمره الشياطين وتوجه صاحبه إلى المهلكات ثم لا تبالي به في أي واد هلك، فإذا تُلي كتاب الله وذكر اسمه تعالى تنزلت الرحمة وحلت الملائكة محل الشياطين فعمرت القلوب بالإيمان واستقرت واطمأنت {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (٢) .

فتصفو النفوس وتتعلق بخالقها وتندم على ما بدر منها مما نهاها عنه الشارع الحكيم لأن أمره ونهيه كله خير لعباده {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (٣) .

ولهذه المعاني كلها حرص خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز على أن يعنى بالقرآن الكريم وتفسير معانيه في هذه الدور حتى تمتلئ قلوب نزلائها بنور القرآن فينصرف عنهم السوء والفحشاء وينقلبوا مواطنين صالحين وعَزّز ذلك وأيده بمكرمته الملكية وهي تخفيف مدة المحكومية على السجين الذي يحفظ كتاب الله كاملاً داخل السجن إلى نصف المدة المقررة عليه أصلاً.

وذلك في المرسوم الصادر رقم ١٠٧/٨ في ٧/٢/١٤٠٨هـ (٤) .

وهذا ما حدا بالسجناء إلى التنافس في حفظ كتاب الله ليستفيدوا من هذه المكرمة وقد تم ذلك حيث حفظ البعض منهم كتاب الله كاملاً فحظي أولاً بشرف حفظه لكتاب الله وحظي ثانياً بتخفيف مدة العقوبة إلى نصفها والحق أنها مكرمة لا مثيل ولا سابق لها في العالم كله فهي سنة حسنة سنها خادم الحرمين الشريفين لخدمة كتاب الله في موطن أشد ما تكون الحاجة فيه إلى تدبر كتاب الله وفهم معانيه والاستضاءة بنوره.


(١) صحيح مسلم بشرح النووي: ١٧/٢١.
سنن أبي داود باب في ثواب قراءة القرآن: ٢/١٠٠حديث رقم (١٤٥٥) .
(٢) سورة الرعد آية: ٢٨.
(٣) سورة الملك آية: ١٤.
(٤) مجلة التضامن الإسلامي: ٣٠ -٤٣ الجزء الأول، ١٤٠٨هـ.