وقد حج بالناس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة العاشرة من الهجرة حجته التي رسم لأمته فيها عملياً كيفية أداء هذه الفريضة وحث على تلقي ما يصدر منه قول وفعل فقال صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا". فسميت حجته -صلى الله عليه وسلم- (حجة الوداع) وقد رغّب صلى الله عليه وسلم أمته في الحج وبَيَّن فضله وما أعد الله لمن حج وأحسن حجه من الثواب الجزيل فقال -صلى الله عليه وسلم-: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" رواه البخاري ومسلم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفي الصحيحين -أيضاً- عنه رضي الله عنه. قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال:"إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور". وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه عند إسلامه:"أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله ... ". وروى البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:"يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال لا ولكن أفضل الجهاد حج مبرور". ويتضح من هذه الأحاديث وغيرها فضل الحج وعظم الأجر الذي أعده الله للحجاج ويتضح أن هذا الثواب العظيم إنما هو لمن كان حجه مبروراً. فما هو بر الحج الذي رتب الله عليه ذلك الثواب العظيم؟.