والمسجد جامع يجمع الناس للصلوات كل يوم وللخطابة كل جمعة وعندما يحزب الناس أمر هام؛ ومن هذه الوظيفة الرئيسية الثانية اتخذ اسمه الجامع والمسجد الجامع. وكان عليه السلام إذا أراد جمع الناس لما يهمه ويهمهم من أعمالهم أمر منادياً ينادي: الصلاة جامعة فيجتمعون في المسجد لصلاة نهارية غالباً، فإذا انتهت الصلاة صعد المنبر عليه السلام وخطبهم بما يريد آمراً أو ناهياً أو مرشداً أو موجهاً.
والمسجد جامعة للكبار لإلقاء العلوم وتلقيها، فمنها تخرج علماء الصحابة: عمر وعلي وابن عمر وابن العباس وابن مسعود وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأمثالهم رضي الله عنهم.
ومنها تخرج علماء التابعين: سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن البصري وعكرمة وعطاء وعمرة بنت عبد الرحمن وأمثالهم رحمهم الله.
ومن جامعة المسجد تخرج الأئمة المجتهدون: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والليث والأوزاعي وابن المبارك وابن جبير والسفيانان: الثوري وابن عيينة والحمادان: ابن زيد وابن سلمة وأمثالهم رحمهم الله.
ومن جامعة المسجد تخرج علماء العالم الإسلامي خلفاً بعد سلف في جميع العلوم شرعية ولغوية، دينية ودنيوية، مدينة وعسكرية، ومكاتب الدنيا شاهدة على إمامتهم للعالم في كل علم وفن بما فيها من عشرات الآلاف من الكتب لا يزال أكثرها لم تره آلات المطابع، ولم يستفد بعجائبه وغرائبه ونوادره ناس هذا العصر.
والمسجد مدرسة للصغار لتعلم القراءة والكتابة ومبادئ العلوم وحفظ القرآن الكريم، وكانت مساجد المسلمين في المشرق والمغرب يتخذ جانب منها مدرسة ولا يزال هذا في المغرب الأقصى إلى الآن، وفي قُراه وبَواديه يقال للمدرسة جامع وللجامع مدرسة كأن المسجد والمدرسة كلمتان مترادفتان.