للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتُوسِّع في استعماله فجيء به في معنى مرّ النجوم في الفلك. ومثاله قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (١) واستعمل أيضاً لمعنى جري الفرس، ومثاله قوله تعالى: {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً} (٢) ومنه: فرس سبُوح أي واسع الجري. وجاء أيضاً بمعنى التصرّف في المعاش والإبعاد في العمل ومثاله قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً} (٣) .ومن تلكم الاستعمالات ما أنا بصدد بيانه وهو التسبيح لله تعالى على أنّه يراد به -على ما سبق من بيان الأصل اللغوي إبعاده عمّا لا يليق به (٤) .

وفيه قال الراغب (٥) في مفرداته:"وأصله المرّ السريع في عبادة الله تعالى، وجُعل ذلك في فعل الخير كما جُعل الإبعاد في الشر فقيل: أبعده الله. وجُعل التسبيح عاماً في العبادات قولاً كان أو فعلاً أو نيّة " (٦) .وبمثله في لسان العرب قوله:"وجماع معناه بُعده تبارك وتعالى عن أن يكون له مِثْل أو شريك أو ندّ أو ضدّ " (٧) .


(١) سورة يس: الآية (٤٠) .
(٢) سورة النازعات: الآية (٣) .
(٣) سورة المزمل: الآية (٧) .
(٤) انظر: لسان العرب لابن منظور ج٢ ص٤٧١_٤٧٢؛ ترتيب القاموس المحيط للطاهر الزاوي ج٢ ص ٥٠٦_ ٥٠٧.
(٥) هو الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني أو الأصبهاني المعروف بالراغب: أديب، من الحكماء العلماء، من أهل «أصبهان» سكن بغداد واشتهر حتى كان يقرن بالإمام الغزالي، توفي ٥٠٢هـ، من أشهر مؤلفاته: المفردات في غريب القرآن، محاضرات الأدباء، الذريعة إلى مكارم الشريعة. (انظر: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي ص ٣٩٦؛ كشف الظنون لحاجي خليفة ج١ ص٣٦؛ الأعلام للزركلي: ج٢ ص٢٥٥) .
(٦) المفردات للراغب الأصفهاني: ص٢٢١.
(٧) انظر: لسان العرب لابن منظور ج٢ ص٤٧١.