للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- الكلام في هذه الآية الكريمة عن اليهود والنّصارى حيث إنّهم اتخذوا أحبارهم - وهم علماء اليهود - ورهبانهم - (١) وهم عبّاد النصارى - أرباباً من دون الله عزّ وجلّ، والمراد أنّهم يحلّون لهم ما حرّم الله فيحلّونه؛ ويحرّمون لهم ما أحلّ الله فيحرِّمونه، ويشرعون لهم من الشرائع والأقوال المنافية لدين الله فيتبعونهم عليها (٢) أي جعلوهم كالأرباب حيث أطاعوهم في كلِّ شيء؛ ومنه قوله تعالى: {قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً} (٣) أي كالنار (٤) .


(١) قال القرطبي: الأحبار جمع حَبر، وهو الذي يحسِّن القول وينظِّمه ويتقنه بحسن البيان عنه. ومنه ثوب محبَّر أي جمع الزينة. وقد قيل في واحد الأحبار حِبر بكسر الحاء، والمفسرون على فتحها، وأهل اللغة على كسرها. قال الفرّاء: الفتح والكسر لغتان. والرهبان جمع راهب مأخوذ من الرهبة، وهو الذي حمله خوف الله تعالى على أن يخلص له النية دون الناس ويجعل زمانه له وعمله معه وأنسه به. (انظر: تفسير القرطبي ج٨ ص١١٩_١٢٠) .
(٢) انظر: تفسير الطبري ج١٠ ص٨٠_٨١؛تفسير ابن كثير ج٢ ص٣٤٩؛ تفسير محاسن التأويل للقاسمي ج٨ ص١٨٤_١٨٥؛تفسير السعدي ج٣ ص٢٢٣.
(٣) سورة الكهف، الآية:٩٦.
(٤) تفسير القرطبي: ج٨ ص١٢٠.ومستند المفسرين في هذا تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي وغيره عن عَدِيّ بن حاتم رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال: يا عَدِيّ اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلّوا لهم شيئاً استحلّوه، وإذا حرّموا عليهم شيئاً حرّموه" [كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ٥٠٩٣ (تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي ج٨ ص٤٩٢_٤٩٣) وقد حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي ج٣ص٥٦] .