للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- في هذه الآية الكريمة يخاطب الله - عزّ وجلّ- المشركين معرّفاً لهم قبح فعلهم وخبث صنيعهم، وذلك بأن أثبت لوازم ألوهيته وخواصّها التي لا ينبغي أن تكون إلاّ له؛ وهم يجعلون معه غيره {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} ، ثمّ يقول مؤكِّداً هذا المعنى بإنكار عليهم وتقريع لهم على جهة الاستفهام (١) {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} ؟!. وهو في معنى النفي (٢) . ومعلوم أنّهم يقولون إجابة عن هذا الاستفهام: ليس منهم من يفعل شيئاً من ذلك، وبذلك تقوم عليهم الحجة بما دلّ عليه البرهان والعيان ووقع عليه الوفاق (٣) فإذن كيف يُعبد من دون الله من لايفعل شيئاً من ذلك؟!

لطيفة:

أضيف (شركاء) إلى ضمير المخاطبين من المشركين في قوله تعالى: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ} ؛ لأنّ المخاطبين هم الذين خلعوا عليهم وصف الشركاء لله تعالى؛ فكانوا شركاء بزعم المخاطبين وليسوا شركاء على الحقيقة، وهذا جارٍ أيضاً مجرى التهكّم بهم (٤) .

ولطيفة أخرى:


(١) انظر: تفسير الطبري ج٢١ ص٣١؛ تفسير القرطبي ج١٤ ص٤٠؛ تفسير أبي السعود ج٧ ص٦٢؛ فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٢٢٠.
(٢) يقول ابن عاشور: "استفهام إنكاري في معنى النفي، ولذلك زيدت (من) الدالة على تحقيق نفي الجنس كلّه في قوله (من شيء) والمعنى: ما من شركائكم من يفعل شيئاً من ذلكم" (التحرير والتنوير: ج٢١ ص١٠٧) .
(٣) انظر: تفسير أبي السعود ج٧ ص٦٢.
(٤) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢١ ص١٠٨.