للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وتبدأ هذه الآية الكريمة كسابقتها بقوله {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} وهذا التكرار للاستئناف لأنّ المقام مقام تعظيم وهو من مقامات التكرير، وفيه -أيضاً- اهتمام بصفة الوحدانية له تعالى. أي هو الإله المعبود الذي لا تصلح العبادة إلاّ له.

ثم يجيء بعد هذا ذكر أسماء وصفات له أخرى غير ما ذكر في الآية قبلها (الملك) أي المالك لجميع الأشياء المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة (القدوس) أي المبارك (السلام) أي من جميع العيوب والنقائص (المؤمن) أي الذي أمن خلقه من أن يظلمهم (المهيمن) أي الشاهد على خلقه بأعمالهم (العزيز) أي الذي قد عزّ كل شيء فقهره وغلب الأشياء فلا ينال جنابه (الجبار) أي المصلح أمور خلقه المتصرّف فيهم بما فيه صلاحهم (المتكبِّر) أي عن كلّ شرٍّ وسوء (١) .ومن بعد هذه الأسماء الحسنى والصفات العليا يسبح الله نفسه الكريمة وهو ما سأبينه في المطلب القادم.

مطلب: في بيان التسبيح وغايته:

- ينزه الله تعالى ذاته العليّة عن شرك المشركين وعمّا اتخذوهم من شركاء له سبحانه، وذلك إثر تعداد بعض صفاته وأسمائه الحسنى التي لا يمكن أن يشاركه في شيء منها شيء أصلاً ممّا يدَّعونه شركاء له عزّ وجلّ.. وفي هذا إشارة للتعجيب من حالهم في إثبات شريك لله بعد ما عاينوا هذه الأسماء والصفات بآثارها وحقائقها ودلائلها، وبمعنى آخر مقارب أنّه لمّا تقرّر بما ذكر الله تعالى من أسمائه وصفاته كمال عظمته وجلال كبريائه ممّا ينتج عنه تنزهه وتعاليه عن شوب نقص لا سيما عن الشرك؛ نزه الله ذاته عنه داعياً عباده بذلك إلى تنزيهه وتعظيمه؛ ومتعجباً من حال من أشرك به وهو المنفرد بصفات الكمال والجلال (٢) .


(١) انظر: تفسير الطبري ج٢٨ ص٣٦_٣٧؛ تفسير ابن كثير ج٤ ص٣٤٣.
(٢) انظر: تفسير أبي السعود ج٨ ص٢٣٤؛ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي ج٧ ص٥٤٢؛ تفسير روح البيان للبرسوي ج٩ ص٤٦٦؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٨ ص١٢٣.