للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينزّه الله تعالى ذاته الكريمة إثر إخباره عن قول اليهود والنصارى ومشركي العرب بأنّه اتخذ ولداً. فاليهود قالوا عزيز ابن الله، والنصارى قالت المسيح ابن الله، ومشركو العرب قالوا إنّ الملائكة بنات الله. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. فأكذب الله جميعهم منزهاً ذاته العليّة عن دعواهم باتخاذه الولد بقوله: (سبحانه) وفيه إشارة إلى أنّ الولدّية نقص في حق الله تعالى وكمال شأنه؛ وإن كانت كمالاً في حقّ غيره من حيث إنّها تسدّ بعض نقائصه عند عجزه وفقره وتسدّ مكانه عند اضمحلاله وذهابه، والله منزه عن جميع ذلك، ولو كان له ولد لآذن بالحدوث والحاجة والعجز (١) .

لطيفة: إنَّ في الإتيان بلفظ (اتخذ) تعريضاً بالاستهزاء بهم بأنّ كلامهم لا يلتئم لأنّهم أثبتوا ولداً لله ويقولون اتخذه الله؛ والاتخاذ الاكتساب وهو ينافي الولدّية؛ إذ الولديّة تولّد بدون صنع، فإذا جاء الصنع جاءت العبودية لامحالة (٢) .

ولطيفة بلاغية:


(١) انظر: تفسير ابن كثير ج١ ص١٦٠؛ تفسير الخازن ج١ ص١٠٠؛ فتح القدير للشوكاني: ج١ ص١٩٨؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج١ ص٦٨٥.
(٢) التحريرر والتنوير لابن عاشور: ج ١ ص٦٨٤، وانظر روح المعاني للآلوسي ج ١ ص٣٦٨.