للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- والاستدلال الثاني يؤخذ من الجملة الثانية في الآية وهي قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} وابتدأت هذه الجملة باستفهام ليفيد الإنكار لقول المشركين؛ والاستبعاد والاستحالة لاتخاذه ولداً. أي كيف يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟! فقوله: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} حال مؤكِّدة للاستحالة المذكورة في الاستفهام فإنّ انتفاء أن يكون له تعالى صاحبة مستلزم لانتفاء أن يكون له ولد ضرورة استحالة وجود الولد بلا والدة؛ وإن أمكن وجوده بلا والد، وانتفاء الأول ممّا لا ريب فيه لأحد؛ فمن ضرورته انتفاء الثاني. وذلك أنّ الولد إنّما يكون متولِّداً بين شيئين متناسبين، والله تعالى لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه. فيستحيل أن يكون له صاحبة، والصاحبة إذا لم توجد استحال وجود الولد (١) .

- والاستدلال الثالث هو في قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} ؛ فهذه الجملة الكريمة إمّا جملة مستأنفة أخرى سيقت لتحقيق ما ذكر من الاستحالة أو حال أخرى مقررّة لها، وذلك لأنّ من كان خالقاً لكل شيء استحال منه أن يتخِّذ بعض مخلوقاته ولداً، وكيف يُتَصَوّر أن يكون المخلوق ولداً لخالقه؟! (٢) .


(١) انظر: تفسير ابن كثير ج٢ ص١٦١؛ تفسير القرطبي ج٧ ص٥٤؛ تفسير أبي السعود ج٣ ص١٦٩؛ فتح القدير للشوكاني ج٢ ص١٥٣.
(٢) انظر: تفسير أبي السعود ج٣ ص١٦٩؛ فتح القدير للشوكاني ج٢ ص١٥٣.