للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يلحظ من كلام المفسرين أنّ أكثر ما جاء في القرآن في معنى السلطان فهو الحجة والبرهان (١) .

لطيفة أخرى: في قوله: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} .

قال أبو السعود: "فيه تنبيه على أنّ كلّ مقالة لا دليل عليها فهي جهالة، وأنّ العقائد لابدّ لها من برهان قطعيّ، وأنّ التقلّيد بمعزل من الاعتداد به" (٢) .

المبحث الخامس

في آية سورة النحل:

قال الله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} (٣) .

مطلب: في بيان الآية وموضع التسبيح منها:

يخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن شيء من قبائح المشركين أنهم جعلوا الملائكة إناثاً وجعلوهم بنات الله فعبدوها معه، وبذلك هم قد ارتكبوا عدة أخطاء عظيمة في مقامات ثلاث إذ نسبوا إليه أنّ له ولداً ولا ولد له، ثمّ أعطوه أخسّ القسمين من الأولاد وهو البنات وهم لا يرضونها لأنفسهم ثمّ عبدوها مع الله تعالى (٤) .

والذكر – ههنا - للمقام الثاني من ضلالهم {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} فيه إشارة إلى بقية ضلالهم في اعتقادهم بالملائكة كما بينت في بداية الكلام.

- فلما أخبر الله عنهم ذلك نزه ذاته العلية بقوله: {سُبْحَانَهُ} وهو في محل جملة معترضة وقعت جواباً عن مقالتهم السيئة التي تضمّنتها حكاية {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ} إذ الجعل فيها جعل بالقول (٥) .


(١) انظر: نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر لابن الجوزي ص ٣٤٤-٣٤٥؛ قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر للدامعاني ص ٢٤٢-٢٤٣؛ محاسن التأويل للقاسمي ج٩ ص٦٢-٦٣.
(٢) تفسير أبي السعود: ج٤ ص١٦٣.
(٣) سورة النحل: الآية (٥٧) .
(٤) انظر: تفسير ابن كثير ج٢ ص٥٧٢_٥٧٣.
(٥) التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٤ ص١٨٢.