للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- أمّا بالنظر إلى أقرب الآيات فوجهه: أنّه بعد أن أمر الله تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن المشركين والإغماض عمّا يصدر منهم من الجهالات والضلالات ومنها ما ادّعوه من نسبة الملائكة لله بالبنوة؛ مع التعريض لهم بالهلاك إن استمرّوا على شركهم وضلالهم وذلك قوله عزّ وجلّ: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ. أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ. فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} (١) . بعد ذلك نزه الله ذاته العلية عن قبيح ما يصدر منهم ممّا يصفونه من نسبة الولد ومن كلّ ما لا يليق بجلاله وكماله وعظمته (٢) .

- كما أنّ أسلوب الخطاب في تنزيه الله ذاته للنبي صلى الله عليه وسلم {سُبْحَانَ رَبِّكَ} يشير إلى مناسبة التذييل لخطابه تعالى المبتدأ قبله بقوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} (٣) . (قاله ابن عاشور) (٤) .

- وأمّا بالنظر إلى مجمل ما حوته السورة فإنّه لمّا ذكر الله تعالى فيها كثيراً من أقوال المشركين الشنيعة التي وصفوا الله تعالى بها -ومنها وصفهم له بالولد- نزه الله نفسه الكريمة عنها وعن كل ما لا يليق به سبحانه (٥) .


(١) سورة الصافات: الآيات (١٧٤_١٧٩) . وتكرار قوله تعالى في الآيات {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} بقوله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} للتأكيد وحذف مفعول (وأبصر) في المرة الثانية لدلالة ما في نظيرها عليه. (انظر: التحرير والتنوير ج٢٣ ص١٩٨) .
(٢) انظر: فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٤٠١.
(٣) سورة الصافات: الآية (١٤٩) .
(٤) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٣ ص١٩٨.
(٥) انظر: غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري ج٢٣ ص٧٢؛ تفسير السعدي ج٦ ص٤٠٤.