للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- هذا وقد اتصل لفظ التسبيح بما يشير إلى علة من علل تنزيهه تعالى عن الشرك به، وذلك بيان أنّه المنفرد بالخلق؛ ومن كان كذلك فلا ينبغي أن يشرك به. وهذا مع ما ذكر في الآيات من انفراده بالأنعام والرزق.

وذلك قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} .

- وخصّ بالذكر أصناف النبات وأنواعها (من مختلف أنواعها وطعومها وأشكالها) لأنّ بها قوام الناس ومعاش أنفسهم ودوابهم، وخص كذلك أصناف أنفس الناس من ذكر وأنثى لأنّ العبرة بها أقوى {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} (١) . ثمّ ذكر ما يعمّ المخلوقات ممّا يعلمه الناس وما لا يعلمون في مختلف الأقطار والأجيال والعصور في البر والبحر أو السماء والأرض (٢) .

لطيفة:

قُدِِّمَ ذكر النبات في الآية إيثاراً له بالأهمية في هذا المقام؛ لأنّه أشبه بالبعث الذي أومأ إليه قوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} (٣) .

المبحث الرابع

في معرض بيان عظمته وقدرته في خاتمة سورة يس:

قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٤) .

مطلب: في بيان حكمة مجيء التسبيح في موضعه ههنا:


(١) سورة الذاريات: الآية ٢١.
(٢) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٣ ص١٧.
(٣) المرجع السابق: ج٢٣ ص١٧.
(٤) سورة يس الآيتان (٨٢_٨٣) .