للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢-وعن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً: "إنَّ عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط" (١) .

٣-وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نَفِدَ ما عنده قال: "مايكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى الله أحداً عطاءً هو خير وأوسع من الصبر" (٢)

ومما تقدم من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية وغيرها التي تدل على فضل الصبر وتحث عليه، يتبين أن المؤمن معرض للابتلاء، ولكن على حسب قوة إيمانه أو ضعفه، وإذا صبر المؤمن واحتسب أجره عند الله كفر الله من ذنوبه وسيئاته، وعظم له الأجر، وإذا كان عامة الناس معرضين لهذا الابتلاء والامتحان، فإنَّ أشدهم بلاء الدعاة إلى الله، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وهم أَوْلَى بالصبر والاحتساب، وخاصة ما يصيبهم بسبب دعوتهم من الأذى.

وفي صبر النبي صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين أمثلة رائعة يجدر بالدعاة إلى الله تعالى أن يقفوا عندها ويتأملوها، ليتأسَّوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الأمثلة:

١- ماكان مشركو مكة يلقون على عتبته صلى الله عليه وسلم من الأنتان والأقذار، ومع ذلك كان يصبر ويحتسب، ويقول: "أي جوار هذا" (٣) ؟ .


(١) أخرجه الترمذي، ٤/٦٠١، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، رقم ٢٣٩٦، وقال حسن غريب، وسنن ابن ماجه، ٢/١٣٣٤، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، رقم ٤٠٢٣، وحسنه الشيخ الألباني، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم ١٤٦.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح، ٣/٣٣٥، كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة، رقم ١٤٦٩، وصحيح مسلم، ٢/٧٢٩، كتاب الزكاة، باب فضل التعفف والصبر، رقم ١٠٥٣.
(٣) انظر سيرة ابن هشام، ١/٤١٦ وتاريخ الطبري، ٢/٣٤٣.