فالذي يظهر فيه بعد البحث أنه لا حاجة إلى تأويله مع كثرته في القرآن واللغة العربية فالظاهر أنه أسلوب من أساليب العربية بدليل كثرة وروده كقولنا هنا:{وَمَكْرَ السَّيِّئ} والمكر هو السيئ بدليل قوله: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ} الآية. وكقوله:{وَالدَّارُ الآخِرَةُ} والدار هي الآخرة وكقوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ} والشهر هو رمضان على التحقيق. وكقوله:{مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} والحبل هو الوريد ونظيره من كلام العرب قول عنترة في معلقته:
بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
ومشك سابغة هتكت فروجها
فأصل المشك بالكسر السير الذي تشد به الدرع ولكن عنترة هنا أراد به نفس الدرع وأضافه إليها كما هو واضح من كلامه لأن الحكم بهتك الفروج واقع على الدرع لا على السير الذي تشد به كما جزم به بعض المحققين وهو ظاهر خلافا لظاهر كلام صاحب تاج العروس فإنه أورد بيت عنترة شاهدا لأن المشك السير الذي تشد به الدرع بل المشك في بيت عنترة هذا على التحقيق هو السابغة وأضيف إليها على ما ذكرنا. وقول امرئ القيس:
غذاؤها نمير الماء غير المحلل
كبكر المقاناة البياض بصفرة
فالبكر هي المقاناة على التحقيق وأما على ما ذهب إليه ابن مالك فالجواب تأويل المضاف بأن المراد به مسمى المضاف إليه.