للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبين الحديث أن المنفق يستره الله تعالى بنفقته ويستر عوراته في الدنيا والآخرة، وينمي ماله بالصدقة والإنفاق، كستر هذه الجبة وضفائها على لابسها، وأما البخيل فهو كمن لبس جبة إلى ثدييه فقط فيبقى مكشوفًا بادي العورة مفتضحًا في الدنيا والآخرة وذلك بمحق ماله في الدنيا وحسناته في الآخرة (١) .

ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن الدعاء للمتصدق وباذل المال له أهمية كبيرة في حصول النماء والبركة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمن يدفع الزكاة، أو الصدقات ويأمر عماله بأن يدعوا لمن يبذل المال كذلك، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.

فقد قال عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: "اللهم صلِّ عليهم". فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته فقال: "اللهم صلِّ على آل أبي أوفى" (٢) . يريد هنا الدعاء له. ويقول أحيانًا: "اللهم بارك فيه وفي إبله" (٣) إذا كانت الصدقة إبلاً، وهكذا.

وأما صلة الرحم: فقد أمر الله تعالى بصلة الأرحام وهي الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال، وأكد على ذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبين أن في صلة الأرحام خيرات كثيرات، من زيادة في العمر، وفي الرزق، والذكر الجميل، والدرجات الرفيعة في الآخرة بفضل الله تعالى ومنِّه وكرمه. ودليل ذلك قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} (٤) .


(١) شرح صحيح مسلم (٧/١٠٩) بتصرف.
(٢) انظر: صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة (٣/٢٨٦) . وصحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب الدعاء لمن أتى بصدقته (٢/٧٥٦-٧٥٧) .
(٣) سنن النسائي، كتاب الزكاة، باب الجمع بين المتفرق (٥/٣٠) .
(٤) سورة محمد: الآيتان رقم (٢٢-٢٣) .