للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد تقدم في مقدمة البحث الإشارة إلى أن الله تعالى بمنه وكرمه تكفل بأرزاق العباد بل وجميع الدواب، وأن الرزق مقسوم، وأنه يطلب صاحبه كما يطلبه أجله، وهنا سيُقتصر على بيان أن القناعة والتعفف، والإجمال في الطلب، وعدم إشراف النفس للمال، وسؤال الناس كل ذلك سبب في حصول البركة في المال، وقد امتدح الله - سبحانه وتعالى - المتعففين من المساكين إذ قال: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} (١) .

أي متعففون في لباسهم، وفي حالهم، ومقالهم، بحيث يحسبهم من لا يعرفهم أغنياء، وبخاصة أنهم لا يسألون أحدًا ولا يلحون في المسألة لئلا يكلفوا الناس ما لا يحتاجون، ولذا فلا يفطن الناس إليهم لجهلهم بحال فقرهم.

والآية وإن كان فيها مدح لهؤلاء الفقراء، ففيها أيضًا من جانب آخر حض وتنبيه وتذكير بهؤلاء وأمثالهم حتى لا يغفل عنهم ويُظن أن المساكين فقط هم الذين يَسألون ويُعطون، والله أعلم (٢) .


(١) ... سورة البقرة: الآية رقم (٢٧٣) .
(٢) ... انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/٤٣٤-٤٣٥) بتصرف.