للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء أيضًا في حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وكل مرة يعطيه ثم قال: "يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه كالذي يأكل ولا يشبع".

وجاء في هذا الحديث أيضًا أن حكيمًا قال: "يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ (١) أحدًا بعدك شيئًا، حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر- رضي الله عنه - يدعو حكيماً إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه، ثم إن عمر- رضي الله عنه – دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئًا، فقال عمر: إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم، إني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي"، أخرجه البخاري (٢) ومسلم (٣) وآخرون.

وزاد إسحاق بن راهويه في مسنده في آخر خبر حكيم المتقدم لفظ: "فمات حين مات وإنه لمن أكثر قريش مالاً" (٤) .

ومما يؤخذ من الأحاديث السابقة:

١ - الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها والصبر حتى يأتي الرزق بغير مسألة.


(١) ... لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا: أي لا آخذ من أحد بعدك شيئًا، فأنقص بهذا الأخذ ماله، كما في النهاية في غريب الحديث (٢/٢١٨) بتصرف.
(٢) ... الصحيح، كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة (٣/٣٣٥) . وكتاب الجهاد، باب فضل النفقة في سبيل الله (٦/٤٨-٤٩) . وكتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم (٦/٢٤٨) . وكتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا (١١/٢٤٤) . وباب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا المال خضرة حُلوة (١١/٢٥٨) .
(٣) ... الصحيح، كتاب الزكاة، باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا (٢/٧٢٧-٧٢٩) ، وباب فضل التعفف والصبر (٢/٧٢٩) .
(٤) ... فتح الباري (٣/٣٣٧) ، ولم أقف على هذه الزيادة في (إتحاف الخيرة المهرة) للبوصيري، ولا في (المطالب العالية) لابن حجر. فالله أعلم.