للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣- حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جيء برجل في عنقه النسعة (١) ، قال: فدعا ولي المقتول فقال: " أتعفو؟ "، قال: لا، قال: "أفتأخذ الدية؟ "، قال: قال: لا، قال: " أفتقتل؟ "، قال: نعم، قال: " اذهب به! " فلما ولى قال: " أتعفو؟ "، قال: لا، قال: " أفتأخذ الدية؟ "، قال: لا، قال: " أفتقتل؟ " قال: نعم، قال: " اذهب به! "، فلما كان في الرابعة، قال: " أما إنك إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه "، قال: فعفا عنه، قال: فأنا رأيته يجر النسعة (٢) .

قال البغوي – رحمه الله تعالى -: فيه دليل على أن ولي الدم مخير بين القصاص، وبين أن يعفو عن القصاص على الدية، وبين أن يعفو مجانا (٣) .

٤- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة " (٤) .

ومن جهة المعنى: أنه لو لم يجب القصاص في هذه الحالة لأدى ذلك إلى سفك الدماء وهلاك الناس (٥) .

المطلب الثّاني:

مشروعية القصاص في الجناية على ما دون النّفس

... أجمع العلماء على تحريم الاعتداء على ما دون النفس وأن القصاص جار فيها إذا أمكن (٦) .

... وقد دل على ذلك:


(١) النسعة – بنون مكسورة ثم سين ساكنة ثم عين مهملة – هي حبل من جلد مظفورة. انظر: شرح صحيح مسلم ١١/١٧٢.
(٢) أخرجه مسلم ٢/١٣٠٧ في القسامة، باب صحة الإقرار بالقتل وتمكين ولي الدم القتيل من القصاص، واستحباب طلب العفو منه، وأبو داود ٤/٦٣٨ في الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم.
(٣) انظر: شرح السنة ١٠/١٦١.
(٤) سبق تخريجه في صفحة (١٥) .
(٥) انظر: الاختيار ٥/٣٠-٣١، المهذب ٢/١٧٢.
(٦) انظر: المغني ١١/٥٣٠.