للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسألة الأولى: أصل "إِذَنْ": (١)

اختلف النحويون في أصل (إِذَنْ) ، هل هي حرفٌ أو اسمٌ؟ وهل هي بسيطةٌ أو مركبةٌ؟ ذهب الجمهور إلى أنّها حرفٌ، وذهب بعض الكوفيين إلى أنّها اسمُ ظرفٍ، وأصلها "إذا" الظرفية لحقها التنوين عوضاً من الجملة المحذوفة، إذ الأصل في (إِذَنْ أكرمَك) أن تقول: (إذا جئتني أكرمُك) ، حُذف ماتضاف إليه "إذا"، وعُوّض منه التنوين كما عَوّضوا في (حينئذٍ) ، وحُذفت الألف لالتقاء الساكنين، ونُقلت إلى الجزائية فبقى فيها معنى الربط والسبب.

وذهب رضيّ الدين إلى ماذهب إليه بعض الكوفيين، فقال: "الذي يلوح لي في "إِذَنْ" ويغلب في ظنّي أنّ أصله "إذْ" حذفت الجملة المضاف إليها، وعُوّض منها التنوين لمّا قُصد جعله صالحاً لجميع الأزمنة الثلاثة بعدما كان مختصاً بالماضي، وذلك أنّهم أرادوا الإشارة إلى زمان فعلٍ مذكورٍ فقصدوا إلى لفظ "إذْ" الذي هو بمعنى مطلق الوقت لخفة لفظه، وجرّدوه عن معنى الماضي وجعلوه صالحاً للأزمنة الثلاثة، وحذفوا منه الجملة المضاف هو إليها، لأنّهم لمّا قصدوا أن يشيروا به إلى زمان الفعل المذكور، دلّ ذلك الفعل السابق على الجملة المضاف إليها، كما يقول لك شخصّ مثلاً: "أنا أزورك فتقول: "إِذَنْ أكرمَك أي: "إذْ تزورني أكرمك أي: وقت زيارتك لي أكرمك، وعُوّض التنوين من المضاف إليه؛ لأنّه وُضع في الأصل لازم الإضافة، فهو كـ"كلٍّ وبعضٍ"، إلاّ أنّهما معربان و"إذْ" مبنيّ..." (٢) .


(١) ينظر نتائج الفكر ١٣٤، وشرح التسهيل ٤/٢٠، وشرح الكافية للرضي ٢/٢٣٥،٢٣٨، ورصف المباني ١٥٧، والارتشاف ٤/١٦٥٠، والجنى الداني ٣٦٣، وتوضيح المقاصد ٤/١٩٠، وجواهر الأدب ٣٣٩، ومغني اللبيب ١٥، والمساعد ٣/٧٤، والتصريح ٢/٢٣٤، والهمع ٢/٦، والأشموني ٣/٢٩٠، والنحو الوافي ٤/٣٠٨.
(٢) شرح الئكافية ٢/٢٣٥.