للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن تقدمها كلام وتمّ دونها جاز أن تستأنف بها، وتنصب ويكون جواباً، كما لو لم يتقدمها شيء، وذلك نحو قول عبد الله بن عَنَمة الضبيّ:

اُرْدُدْ حِمَارَكَ لاتُنْزَعْ سَوِيَّتُهُ ... إِذَن يُرَدَّ وقَيْدُ العَيرِ مَكْروبُ (١)

قال ابن السراج: "فهذا نصْبٌ؛ لأنّ ماقبله من الكلام قد استغنى وتمَّ، ألا ترى أنّ قوله: "اُرْدُدْ حمارك لاتُنزعْ سَوِيَّتُهُ" كلامٌ قد تمَّ، ثمّ استأنف كأنّه أجاب من قال: لا أفعلُ ذاك، فقال: "إِذَنْ يُردَّ وقَيدُ العَيرِ مكروبُ" " (٢) .

الثاني: أن يكون الفعل المضارع بعدها مستقبلاً:

فإن كان حالاً فلا يُنصب، كقولك لمن يُحدّثك: "إِذَنْ أظنُّكَ صادقاً" فترفع؛ لأنّه حالٌ، والفعل المنصوب لايكون إلاّ مستقبلاً.

قال أبو عليّ الشلوبين: "وهو ألاّ تدخل إلاّ على مستقبل، فإذا أدخلناها على فعل حالٍ لم تعمل أصلاً وإن كانت متقدمة؛ لأنّه ليس في الدُّنيا ناصب يدخل على فعل حالٍ، فوجب لها هنالك الإلغاء" (٣) .

الثالث: ألاّ يُفصل بين "إِذَنْ" والفعل بفاصل:

أي: أن يكون المضارع متصلاً بها لضعفها مع الفصل عن العمل فيما بعدها، فإنْ فُصلت بفاصل بطل عملها، إلاّ أن تُفصل بواحدٍ من اثنين، فإنّ الفصل بذلك كَلا فصلٍ، وهما: "القسم" و"لا"، وأجاز بعض النحويين الفصل بغير ماسبق ذكره، وهو ماسنوضحه بالتفصيل في موضعه.

وإلى الشروط الثلاثة التي سبق ذكرها أشار ابن مالك بقوله (٤) :


(١) البيت في المفضليات ٣٨٣، وهو من شواهد الكتاب ٣/١٤، والمقتضب ٢/١٠، والأصول ٢/١٤٨، وشرح الكتاب للسيرافي ١/٨٤، والتعليقة ٢/١٣٢، وشرح أبيات سيبويه ٢/١٠٠، والصّاحبي ١٩٨، والنكت ١/٦٩٩، وابن يعيش ٧/١٦، وشرح التسهيل ٤/٢١، وشرح الكافية ٢/٢٣٨، وشرح الجزولية ٢/٤٧٨، ورصف المباني ١٥٢.
(٢) الأصول ٢/١٤٨، وينظر التبصرة والتذكرة ١/٣٩٦.
(٣) شرح الجزولية ٢/٤٧٧.
(٤) ألفية ابن مالك ٦٠، وشرح الألفية لابن الناظم ٦٦٥، وتوضيح المقاصد ٤/١٨٧.