للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال سيبويه: "وأمّا "إِذَنْ" فجوابٌ وجزاءٌ" (١) .

قال أبو حيّان: "وتحرير معنى "إِذَنْ" صعبٌ، وقد اضطرب النّاس في معناها، وقد نصَّ سيبويه على أنّ معناها: "الجوَابُ والجزاءُ"، واختلف النحويون في فهم كلام سيبويه" (٢) .

نعم اختلف النحويون في فهم معناها، والذي يظهر من لفظه أنّها حيثما توجد يكون معناها الجواب والجزاء معاً، وهذا ما فهمه الأستاذ أبو عليّ الشلوبين (٣) ، حيث حمل كلام سيبويه على ظاهره، وتكلّف في كلّ مكان وقعت فيه أنّها جوابٌ وجزاءٌ.

أمّا أبو عليّ الفارسيّ فإنّه فهم من كلام سيبويه أنّها قد تَرِدُ لهما، وهو الأكثر، وقد تتمحض للجواب فقط، نحو: أن يقول لك القائل: "أحبُّك"، فتقول: "إِذَنْ أَظُنُّكَ صادقاً" فلا يتصوّر هنا الجزاء (٤) .

قال المالقيّ: "والصحيح أنّها شرط في موضعٍ، وجواب في موضعٍ، وإذا كانت شرطاً فلا تكون إلاّ جواباً، وهذا هو المفهوم من كلام سيبويه، لأنّه لم ينصّ على أنّهما معاً في موضعٍ واحدٍ".

وقد ردَّ ابن عصفور على شيخه الأستاذ أبي عليّ الشلوبين في تكلّفه لمعنى "إِذَنْ"، بقوله: "ففهم الأستاذ أبو علي الشلوبين هذا على أنّه شرط وجواب، وأخذ الجزاء بمعنى الشرط، والجواب جوابه فحيثما جاءت قدرها بفعلي الشرط والجزاء؛ فإذا قلت لمن قال لك: "أنا أزورُك"، "إِذَنْ أُكرمَك"، فمعناه: إِنْ تَزُرْني أكرمْك.


(١) الكتاب ٤/٢٣٤، وينظر الصّاحبي ١٩٨.
(٢) البحر المحيط ١/٤٣٤.
(٣) شرح الجزولية ٢/٤٧٧.
(٤) التكملة ٥٦٣، وينظر رصف المباني ١٥١.