وعلى هذا فيجب أن يقل استعمالها، وأن يتخير ما هو أقوى وأشيع منها، إلاَّ أن إنسانًا لو استعملها لم يكن مخطئًا لكلام العرب، لكنه يكون مخطئًا لأجود اللغتين ... (١) .
وبهذا نعلم أن تلك القبائل التي تكلمت بهذه اللهجات لاتخطأ، ولامَن سلك سبيلها في تلك الأفعال بعينها، وإن كان المختار والأعلى التحدث بأجود اللغتين، وأجود اللغتين ما اتفق مع تلك القواعد التي بنيت على الغالب والمطَّرد من كلام العرب.
الكسر في اللهجات المعاصرة
لا شكَّ أنَّ كسر حرف المضارعة ظاهرة فاشية في اللغات الدَّارجة في العصر الحاضر، لايكاد يسلم منها قطر أو قبيل.
وربَّما لو تأمَّله المتأمِّل لوجد أنَّه يمكن ضبطه بضوابط معيَّنة، فتجد مثلاً أنَّه لايكسر ما كان مضارعه على يفعُل بضمِّ العين، على حين تجد أنَّ كسر ماكان مضارعه على يفعَل أو يفعِل كثير، مثل: يِلْعَبُ، يِضرب، يِصلي، يِسافر ... وغير ذلك.
وفي بعض الجهات تجد أنَّهم إذا كانوا يكسرون حروف المضارعة مما كان مضارعه على وزن يفعُل بضمِّ العين، فإنهم يكسرون حرف المضارعة ويكسرون العين إتباعًا له، فيقولون: يِكْتِب على حين نجد بعضًا يلتزم ضمَّ عين الفعل في المضارع ويضمّ معه حرف المضارعة فيقول: يُكتُب.
والتجوز في كلِّ ذلك ممَّا تقبله أصول اللغة؛ لأنَّه يركن إلى دليل من السَّماع قويّ ـ على نحو مامرَّ في ثنايا هذا البحث ـ ولكن القواعد تبقى ثابتة، وليس لنا أن نغيِّرها، أو أن ندعوَ إلى ماشذَّ وخرجَ عنها، ولكن المتكلم بما ثبت عن بعض القبائل الفصيحة التي يحتج بلغاتها ممَّا خالف المشهور الغالب لايخطَّأ فيما تابع فيه ما أثر، والدعوة إلى التزام أجود اللغتين التي تتفق مع ما قوي في الرواية ووافق القياس.
نتائج البحث
١- كشف البحث عن جانب من طبيعة اللغة من حيث تنوُّع حركات هيئات مفرداتها تبعًا لتنوُّع المستعمل لها.