للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثامن: قوله: {أفتهلكنا بما فعل المبطلون} (١) أي: لو عذبهم بجحودهم وشركهم لقالوا ذلك، وهو سبحانه إنما يهلكهم لمخالفة رسله وتكذيبهم، فلو أهلكهم بتقليد آبائهم في شركهم من غير إقامة الحجة عليهم بالرسل، لأهلكهم بما فعل المبطلون، أو أهلكهم مع غفلتهم عن معرفة بطلان ما كانوا عليه، وقد أخبر سبحانه (٢) أنه لم يكن ليهلك القرى بظلم وأهلها غافلون، وإنما يهلكهم بعد الإعذار والإنذار بإرسال الرسل.

التاسع: أنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه وخالقه، واحتج عليه بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه، كقوله: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} (٣) ، فهذه هي الحجة التي أشهدهم على أنفسهم بمضمونها، وذكرتهم بها رسله، بقولهم: {أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} (٤) .

العاشر: أنه جعل هذا آية، وهي الدلالة الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها، بحيث لا يتخلف عنها المدلول، وهذا شأن آيات الرب تعالى، فإنها أدلة معينة على مطلوب معين، مستلزمة للعلم به فقال تعالى: {وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون} (٥) ، وإنما ذلك بالفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، فما من مولود إلا يُولد على الفطرة، لا يولد مولود على غير هذه الفطرة، هذا أمر مفروغ منه، لا يتبدل ولا يتغير. وقد تقدمت الإشارة إلى هذا. والله أعلم.


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٧٣.
(٢) في قوله تعالى: {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون} سورة الأنعام، الآية: ١٣١.
(٣) سورة لقمان، الآية: ٢٥.
(٤) سورة إبراهيم، الآية: ١٠.
(٥) سورة الأعراف، الآية ١٧٤.