للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

، والسياق أدل على هذا الوجه من الوجه الأول، وهو قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} فأخبر تعالى أن الرسول لا يأتي بالآيات من قبل نفسه، بل من عند الله، ثم قال: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} أي: أن الشرائع لها أجل وغاية تنتهي إليها، ثم تنسخ بالشريعة الأخرى، فينسخ الله ما يشاء من الشرائع عند انقضاء الأجل، ويثبت ما يشاء. وفي الآية أقوال أُخرى (١) ، والله أعلم بالصواب (٢) .

سورة النحل

... قال تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} (٣)


(١) انظر هذه الأقوال في المراجع التي ذُكرت عند القولين السابقين. ومع قوة ما ذكر المؤلف، فهناك قول جدير بأن تحمل هذه الآية المشكلة عليه، فهمته من كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١٤/٤٩١) ، وقاله الثعالبي في الجواهر الحسان (٢/٣٧١) ، وحاصله: أن الله سبحانه وتعالى يمحو من الأمور ما يشاء، ويغيرها عن أحوالها مما سبق في علمه محوه وتغييره، ويثبتها في الحالة التي ينقلها إليها حسب ما سبق في علمه. وهذا القول يدل له ما جاء في الحديث أن الله تعالى جعل عمر داود عليه السلام ستين سنة، فوهب له آدم عليه السلام من عمره أربعين سنة. والحديث أخرجه الأمام الترمذي في جامعه برقم (٣٠٧٦) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، ص (١٣١، ١٣٢) .
(٣) سورة النحل، الآية: ٦٠.