للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان إماما فقيها، عاملا قوي الحافظة، سريع الإدراك، خلق العبارة فصيحا، بساما بشوشا، طلق المحيا، فاشيا للسلام، مهابا، لطيفا في المحاضرة، فكها، ذاكرا لكثير من المتون والفوائد الحديثية والمبهمات، مستحضرا لجملة من الرقائق والمواعظ والأشعار، وكذا الوقائع والحوادث العلمية، شهما مقداما لا يهاب.

وقال عنه العلامة السيوطي (١) : هو شيخنا، حامل لواء مذهب الشافعي في عصره في عراقه وحجازه وشامه ومصره، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، تفرد بالفقه، وأخذ عنه الجم الغفير، وألحق الأصاغر بالأكابر، والأحفاد بالأجداد، وقد أفردت ترجمته بالتأليف.

وقد اشتهر الإمام البلقيني بأسلوبه الأخَّاذ في الوعظ والإرشاد المميز في الخطب، فكان يجتمع في مجالسه، والمسجد الذي يُلقي الإمام البلقيني فيه الخطب جموع غفيرة وأعداد كبيرة من الناس، وأصبح علما يشار إليه بالبنان، وقال أحد الأدباء مثنيا عليه (٢) .

وعظ الأنام إمامنا الحبر الذي

سكب العلوم كبحر فضل طافح

فشفا القلوب بعلمه وبوعظه

والوعظ لا يشفي سوى من صالح

ولايته القضاء:

لا عجب أن يتولى الإمام البلقيني منصب القضاء بعد الشهرة العلمية، والمنزلة الفقهية التي بلغها، وليس غريبا أن يتولى القضاء، وقد ولي معظم العلماء من أسرته وأقاربه هذا العمل.

فقد تولى القضاء مبكرا قبل بلوغه العشرين من عمره نيابة عن أخيه القاضي جلال الدين بن عمر، في «دمنهور» شمال مصر.

ثم استقر في القضاء بالديار المصرية، ثم عزل، ثم أعيد، وتوالى عزله وإعادته عدة مرات، وبلغ مجموع ما أمضاه في القضاء ثلاثة عشر عاما ونصف.

وعرض عليه الوالي قضاء دمشق، فامتنع. وأثنى عليه السخاوي، وذكر أنه سار في القضاء سيرة حسنة (٣) .

مؤلفاته:


(١) انظر: حسن المحاضرة ص/٤٤٥، نظم العقيان ص/١١٩.
(٢) انظر: البدر الطالع ١/٢٦٨.
(٣) انظر: الضوء اللامع ٣/٣١٣، رفع الإصر ٢/٢٥٨-٢٥٩، ذيل رفع الإصر ص/١٦٨، حسن المحاضرة ١/٤٤٤، شذرات الذهب ٩/٤٥٤.