أما إذا كانت لم تستأذن والمزوِّج لها غير أبيها فالنكاح فاسد في أصح قولي العلماء لكن ليس لها أن تتزوج إلا بعد تطليقه لها أو فسخ نكاحها منه بواسطة الحاكم الشرعي خروجاً من خلاف من قال أن النكاح صحيح ولها الخيار بعد البلوغ وحسماً لتعلقه بها وليس لها أيضاً نكاح غيره حتى تستبرأ بحيضة إن كان قد وطئها، أما إذا كان المزوِّج لها بدون إذنها هو أباها فهذه المسألة فيها خلاف أيضاً بين العلماء فكثير منهم يصحِّح هذا النِّكاح إذا كانت البنت بكراً لمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم:"واليتيمة تستأمر" قالوا فهذا يدل على أن غير اليتيمة لا تستأمر بل يستقل أبوها بتزويجها بدون إذنها وذهب جمع من أهل العلم إلى أن الأب ليس له إجبار ابنته البكر ولا تزويجها بدون إذنها إذا كانت قد بلغت تسع سنين. كما أنه ليس له إجبار الثيب وتزويجها بغير إذنها للحديث السابق وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن" وهو يعمُّ اليتيمة وغيرها وهو أصح من الحديث الذي احتجُّوا به على عدم استئذان غير اليتيمة وهو منطوق وحديث اليتيمة مفهوم والمنطوق مقدَّم على المفهوم ولأنه عليه الصلاة والسلام صرَّح في رواية ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: "والبكر يستأذنها أبوها" وهذا اللفظ لا يبقي شبهة في الموضوع ولأن ذلك هو الموافق لسائر ما ورد في الباب من الأحاديث وهو الموافق للقواعد الشرعية في الاحتياط للفروج وعدم التساهل بشأنها وهذا القول هو الصواب لوضوح أدلته وعلى هذا القول يجب على الزوج الذي عقد له والد البكر عليها بدون إذنها أن يطلقها طلقة واحدة خروجاً من خلاف العلماء وحسماً لتعلقه بها بسبب الخلاف المذكور وهذه الطلقة تكون بائنة ليس فيها رجعة لأن المقصود منها قطع تعلُّق المعقود له بها والتفريق بينه وبينها ولا يتمُّ ذلك إلاّ باعتبارها طلقة مبِينة لها بَيْنُونَة صغرى الطلاق على عوض ويجب أن يكون ذلك بواسطة