للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يعني الإسلام بذلك جمال الخلق وحده فحسب. وإنما يعني قبل ذلك جمال التخلق. وجمال النفس وجمال التخلق في أن يتعود الإنسان عادات لا تؤديه هو. وبالتالي لا يصل إيذاؤها إلى غيره. فإذا نهى عن المنكر. ونهى عن الفحشاء. ونهى عن شرب الخمر ولعب الميسر ونهى عن أكل الميتة والدم فإذا نهى عن ذلك كله وأمثاله. فإنما نهى عنه ليصبح الإنسان مع نفسه في وحدة وفي ترابط قلما يستشعر الندم أو يستشعر السخط على نفسه أو قلما يعود على نفسه وهو حزين لأنه فعل كذا دون كذا. أو لأنه أساء وأوصل الإيذاء إلى الغير دون أن يحس. ودون أن يصل مع هذا الغير ما يريح النفس ويطمئن البال.

القرآن الكريم قد راعى قواعد نفسية عن مظاهر الاعتقاد ومسارب الانفعال ونواحي التأثير وأثار من هذا ما أيَّد به حجته وأظهر دعوته، وهو في ذلك يساير من شئون النفس الإنسانية ويتغلغل في شعابها وجوانبها مما لم يهتد إليه العلم إلا حديثا.

انظر للإسلام ودقق البصر كرات وكرات عندما ينصح الإنسان في معاملته للغير وفي معاشرته للأسرة أن يرعى حدود الروابط الإنسانية. وأن يتبادل مع هذا الغير الشعور الإنساني الكريم، وأن يكظم الغيظ إذا ما بدرت من هذا الغير بادرة تثير نفسه وأن يعفو عن الغير. إذا ما أخطأ في حقه على نحو ما يقول القرآن الكريم: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [٤] .