انظر إليه تجده يرافق الإنسان في كل أدوار حياته منظما له عامة شؤونه ليكوِّن من الأفراد الناشئين على نهجه جماعة ناضجة تمثل الإنسانية الكاملة، ثم يعرج بعد عنايته بالفرد إلى الروابط الاجتماعية وما يكون بين المرء وأخيه من صلات النسب أو التعامل أو القومية، فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وأثبت حكمها وحاطها بسياج من النظام المحكم.. فهاهو ذا يعلِّم الإنسان كيف يتصل بربه عن طريق العبادات المشروعة على أوجه رسمها له، ويتقيه حيثما كان، وينيب إليه في سره وجهره، وكيف يراقب نفسه في دخيلة نفسه، فلا يضطغن على أحد، ولا يعتزم شرا يأتي به، ولا يتبع ظنا يهجس به خياله ويعلمه كيف يشعر بواجبه ويحرص على حقه، ويحثه على أن يبتغي فيما أتاه الله الدار الآخرة، ولا ينسى نصيبه من الدنيا (٢٨:٧٧){وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك} الآية.
ثم ينتقل بالمرء إلى الحياة المنزلية، فيرسم له كيف يستبيح المرأة بالعقد المشروع والصداق المستحق، ويبين لكل من الزوجين ماله وما عليه نحو الآخر، وما يتعلق بالصلة بينهما من الإخلاص والمحبة، والوفاء والمودة، وكيف تكون العشرة بالمعروف، وما يترتب على التضامن الزوجي نحو الأبناء من تربية وصيانة ورعاية فيشبون ويترعرعون في ظل الهناء والسعادة.