ولم تغفل الشريعة الإسلامية علاقة المسلمين بغير المسلمين، بل نظمتها، ورسمت لنا على أي وجه يكون الاتصال بهم في الزواج، أو العشرة بالصحبة، أو الحكومة، وكيف نتقي صولة العدو منهم، ونعد العدة لدرء عادياتهم علينا ونحارب من يحاول العدوان على بيضة الإسلام، مع احترامنا لكل ما نعطيهم من عهد وميثاق على نحو يصون كرامة المسلمين.
ولما يعلمه الله سبحانه وتعالى من اختلاف طبائع الناس وتباين ميولهم وأهوائهم، فمنهم التقي الصالح والخيِّر الراشد الذي يقف عند حدود الشرع والأخلاق، يمتثل أوامر الله، ويجتنب نواهيه، يصدع بالحق ويأمر بالخير، وفيهم الفاجر الفاسق، والمستهتر المتمرد، الذي لا يثنيه عن الغي إلا أن يرى العذاب رأي العين، ويذوق مرارة الآلام الجسمانية، وضع زواجر وحدود مادية، يقوم بتنفيذها أولو الأمر من المسلمين، ليكف الأشرار عن طغيانهم، ويسلس قياد العصي منهم، فتمتنع أو تقل الجرائم والجنايات، وتظل حدود الله مصونة من العبث، ويتوفر للناس الأمن والطمأنينة على أنفسهم وأعراضهم، وأموالهم، ويسود النظام فيما بينهم، ويتفرغ كل بما نيط به من أعمال تساهم في عمارة الكون، ويسد فراغه في بناء المجتمع الإنساني بنفس آمنة مطمئنة، فقضى على الذين يقطعون الطرق، ويهددون الأمن ويحاربون الله ورسوله بأن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو يقتَّلوا أو يصلَّبوا أو ينفوا من الأرض على النحو المبين في الفقه، وقطع يد السارق والسارقة، وجلد القاذف ثمانين وأهدر شهادته، والزانية والزاني مائة جلدة، إن كانا غير محصنين، ورجمهما إن كانا محصنين، واقتص من القاتل العامد جزاء وفاقا.