للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يترك الناس وشأنهم في الأخذ بتلك الأحكام، بل رتب عليها من أنواع الجزاء ما يحملهم على الانقياد وأشعرهم بوعده ووعيده، وأنه من ورائهم محيط، وأنهم جميعا في قبضته، من أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها، وأنه ليس بظلام للعبيد، قال تعالى: (٤١:٤٦) {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وقال: (١٨:٤٩) {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} .

وفتح أبواب المغفرة أمام العاصين التائبين، فقال: (٣٩:٥٣) {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .

وقال: (٢٥:٧٠،٦٩،٦٨) {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} .

ذلك هو المنهج الواضح الذي رسمته الشريعة الإسلامية في كل ناحية من نواحي الحياة الفردية والاجتماعية فهي لم تدع في المرء عوجا إلا قومته، ولا في نظام الجماعة ثغرة إلا أحكمتها وذلك هو كل ما يتأتى للناس أن يتمنوه، أو يطمعوا فيه من إنصاف وإصلاح، وهل هناك سبيل للعمل الدنيوي خير مما رسم الله لعباده، وهو أعلم بحاجاتهم من أنفسهم، وأرحم بهم من أمهاتهم؟ وهل هناك مطمع يتعلق به الرجاء أعز مما أعده لعباده المتقين؟ ذلكم هو الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، وتلك هي العزة والكرامة، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.