وبالجملة فإنهم سيعملون على أن تكون بلادهم قطعة من البلاد الأجنبية في الفساد ومن البديهي أن موت هؤلاء الفاسدين خير من ابتعاثهم إلى البلاد الأجنبية لتكون هذه هي العاقبة وما هو جارٍ في بعض البلدان العربية والإسلامية أكبر شاهد على ما قلت.
وما الحل؟
قد يقول القائل إذا كنت تعرف أننا في حاجة إلى الاستفادة من هؤلاء الكفار وأن ترك تعلُّمنا العلوم النافعة منهم يؤدِّي إلى تأخرنا كما هو الواقع ثمَّ أنت تذم بعث أبنائنا إليهم فما الحل الذي تراه للحصول على ما عند الأعداء من العلوم النافعة دون أن يتأثروا بما عندهم من فساد؟ فأقول الجواب أن لحلِّ هذه المشكلة طريقين. أحسنهما أولهما:
الأول: تأمين تعليم الشباب المسلم في بلاده بإنشاء مؤسسات مختلفة لكل العلوم التي يراد أخذها من الأعداء واستقدام مدرسين وخبراء منهم مع أخذ شروط عليهم بأن لا يزاولوا غير مهمَّاتهم في البلاد، مع إعداد المراقبين عليهم حتى لا يقع منهم اتصال مريب ومراقبين على الطلاب يشرفون عليهم ويوجهونهم ويلزمونهم بالقيام بواجبات دينهم والتمسك بالأخلاق الحسنة مع مجازاة من يحصل منه خلاف ذلك، وإذا كانت بعض المؤسسات في حاجة إلى مواد خام لا توجد في البلاد عقدت اتفاقية مع الدول التي تصدرها لاسترادها. وهذا الطريق قد يكون فيه صعوبة في أول الأمر، ولكنه ممكن وهو أحسن الطريقين وأنفعهما وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث جعل الكُتّاب من أسرى مشركي قريش يعلمون أولاد المسلمين في المدينة جزاء إطلاقهم من الأسر.