ومعلوم أن نتائج المعارك بحسب أسبابها ومقوماتها. وقد شاهدنا أن مسببات بدر ومقوماتها كلها كانت بتوجيه إلهي وخطة مسبقة ولذا كانت نتيجتها تبعا لذلك. {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} .
فالله الذي ألقى في قلوب المشركين الرعب وهو الذي أوصل الحصباء عيونهم وهو الذي أنزل الملائكة بشرى وطمأنينة تقاتل وتأسر معهم وهو الذي كثرهم في أعين المشركين وأنزل السكينة عليهم.
وهنا نواجه سؤالا وهو في جملته يتلخص في أن المعركة في سيرها وتوجيهها من الله وملائكته وأن المسلمين ما كانوا ليملكوا شيئا من سيرها. وما يقدرون على شيء من نتائجها. وما كانوا إلا سائرين وفق خطة مرسومة وكان يكفي لهزيمة المشركين ملك واحد. فلم كثر عدد الملائكة. وكان الأسر بيد المسلمين؟ والجواب كما نص عليه تعالى من جهتين:
١- ابتلاء للمؤمنين هل يمتثلون ويثبتون أم لا قال تعالى:{وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
٢- كان المسلمون مستضعفين وكانوا ذوي حقوق عند المشركين وقد عانوا منهم شدة وقسوة فأراد الله أن يشفي صدورهم. ويخزي عدوهم الذي قال:"لا نرجع حتى نرد ماء بدر وتسمع بنا العرب وتعزف علينا القيان"وكان خزيهم على أيدي المسلمين أشد منه على أيدي الملائكة {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} .