وفي الحقيقة أن غارة شعواء شُنت في العصر الذي كتب فيه الشافعي رسالته أو قبل ذلك بقليل من المتكلمين على أهل السنة وأهل الحديث، وبالتالي على السنة التي يشتغلون بها ويدعون الناس إلى الاحتجاج بها، فقد كان غلاة المعتزلة يريدون تحكيم العقل وطرح نصوص السنة، ولكن الشافعي ناقشهم وأطال النقاش معهم حتى ألقمهم الحجر، ويتضح مما ذكره الشافعي من رأي منكري حجية السنة، ومما ذكره العلماء من آراء بعض شيوخ المعتزلة أنهم ينكرون حجيتها من حيث الشك في طريق ثبوتها وما يلحق رواتها من خطأ أو وهم، أو ما يندس بينهم من وضاعين وكذابين، لا أنهم ينكرونها من حيث هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعال وتقريرات ثابتة عنه، فإن أي مسلم مهما كان لا يقول بذلك، وهذا في الحقيقة تستّر ماكر وراء تلك الشبهات التي يثيرونها حول صحة نسبة السنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظنية ثبوتها على فرض صحتها، وأن الظني لا يمكن أن تبنى عليه أحكام شرعية.
وتتلخص شبهات من يرد غير المتواتر من السنة أو يرد السنة كلها كما حكاها الإمام الشافعي عنهم بما يلي:
أما من يرد غير المتواتر منها فيقول: إن خبر الواحد (أو خبر الآحاد) يفيد الظن بالنسبة لثبوته نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والظني الثبوت لا يجوز أن نبني عليه أحكام شرعية.