وأما قولهم إن الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء فإن من المعلوم أن الله لم ينص على كل جزئية من جزئيات الشريعة وإنما بين أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة.. ومن الأصول التي بينها وجوب العمل بسنة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كما في قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ... هذه هي الشبهات والهجمات التي تعرضت لها السنة من قبَل مفكريها في القديم، ولكنها لم تثبت أمام الحق ولم يكتب لها البقاء أمام جهود العلماء من أئمة السنة وأئمة الاجتهاد وطوائف المسلمين المتعددة فرسخت دعائم السنة وقام عليها كيان التشريع الإسلامي العظيم، وكانت تلك الشبهات التي ألقاها أصحابها كزوبعة هوجاء ما لبث أن زالت وصحا الجو ولم يبق لها من أثر ... وبقيت الحال كذلك إلى أوائل هذا القرن إذ سمعنا من جديد إثارة الفتنة حول حجية السنة وبعثها من جديد وتناسى مثيروها أن سلفهم من شياطين الإنس قد أثاروها من القديم ثم خنسوا لما تلقوا الردود المفحمة التي أخرستهم.. وفي الحقيقة فإن الدافع الذي يكمن وراء هذه الحملات في القديم والحديث واحد، وهو الكيد للإسلام وهدمه وذلك بهدم الركن الثاني من أركانه، فإن الذي كان وراء المعتزلة الذين تولوا أكبر معارضة السنة وأهل الحديث هو الفلسفة اليونانية الحاقدة على الإسلام، وكذلك فإن حركة الاستشراق اليهودية والنصرانية معا هي التي تكمن وراء إثارة هذه الشبهات حول حجية السنة في هذا العصر... فهذا كبير المستشرقين المستشرق اليهودي المجري جولد تسيهر الذي يعد أشد المستشرقين خطرا وأكثرهم خبثا وإفسادا في هذا الميدان وذلك لسعة اطلاعه على المراجع الإسلامية حتى اعتبر زعيم المستشرقين ولا تزال كتبه وبحوثه مرجعا خصبا وأساسيا للمستشرقين في هذا العصر.. وكان له أكبر الأثر في التشكيك بالسنة وترى أراءه منثورة في كتبه المتعددة.. وأهم شبهة له ما زعمه من أن