وتقرير المعنى: لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء في حال كونه مذموما لكنه تداركته نعمة ربه فنبذ بالعراء غير مذموم فهذه الحال عمدة لا فضلة، أو أن المراد بالفضلة ما ليس ركنا في الإسناد وإن توقفت صحة المعنى عليه ونظيرها قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} وقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً} الآية لأن النفي فيهما منصب على الحال لا على ما قبلها.
سورة ص
قوله تعالى:{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْم} الآية، هذه الآية تدل بظاهرها على أن الخصم مفرد ولكن الضمائر بعده تدل على خلاف ذلك، والجواب أن الخصم في الأصل مصدر خصمه والعرب إذا نعتت بالمصدر أفردته وذكّرته، وعليه فالخصم يراد به الجماعة والواحد والاثنان ويجوز جمعه وتثنيته لتناسي أصله الذي هو المصدر وتنزيله منزلة الوصف.
قال ابن مالك:
ونعتوا بمصدر كثيرا
فالتزموا الإفراد والتذكيرا
سورة الزمر
قوله تعالى:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} ظاهر في الإفراد، وقوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} يدل على خلاف ذلك.
وقد قدمنا وجه الجمع محررا بشواهده في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى:{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً} الآية.
قوله تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية: هذه الآية الكريمة تدل على أمرين.
الأول: أن المسرفين ليس لهم أن يقنطوا من رحمة الله مع أنه جاءت آية أخرى تدل على خلاف ذلك وهي قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} .