تحرير الإنسان من أغلال الحجر العقلي، وسيطرة التبعية العمياء، وتربيته على حرية الفكر واستغلال الإرادة، ليكمل بذلك عقله ويستقيم تفكيره، وتكتمل له شخصيته وإنسانيته، فإن كمال العقل واستقامة التفكير واستقلال الإرادة، هي أساس صحة العقائد واستقامة التدين ومعرفة الحق الذي يجب أن يتبع، ومعرفة الباطل الذي يجب أن يتجنب، كما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"ما اكتسب رجل مثل فضل عقل يهدي صاحبه إلى هدى ويرده عن ردىء وما تم إيمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله".
وقد عني الإسلام ببناء هذه الدعامة عناية كبرى فجعل البرهان أساس الإيمان الصادق والعقيدة الصحيحة، وبين أن كل اعتقاد أو عمل لا يقوم على دلائل الحق فهو مردود على صاحبه، وأنذر الذين يجادلون في الله وآياته بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} .