وعندما أنشد ((الرسوب)) البيت، عيل صبر العملاق العاديّ، فعبس، وبسر، ثم أقبل وأدبر، فأشار بكفه فكأنما الأشجار المركبة فيه ((الأصابع)) لا تكفي إحداها للإشارة!! فقال لقد استنسر البُغات. .
ألمثلي تقول هذا يا راسب بن مرسوب؟!!
أنا الذي سُهر من أجلي وأعدّ الآباء أبناءهم في استحصالي فوالله ما استعاذت ((الأمُ)) على ابنها في دياجير الحوالك إلا منك، ولا سألت ربّها في السّحر لفلذة كبدها إلاّ إيّاي وما نِيلَتْ الرُتبُ إلاّ بين وفُصلت الفصول، وتُعوقد مع المعلمين في الأقطار النائية بباهظ الأجر إلا لأكون النتيجة في آخر العام. . ثم من علمك القول حتى تقول؟ ومن فرح بك حتى تفرح بنفسك؟..
فلما وصل ((النجاح)) إلى هذا القول التفت الرسوب إليه التفاتة الساخر بما سمع، ناظرا إليه نظرة من يؤمن بأن الحق بجانبه، وأنّ الخَطَلَ مع ندّه. فقال:
هذا قولك فما الشاهد عليه من التاريخ والواقع؟ هنيئا مريئا غير داء مخامر لعزّة من أعراضنا ما استحلّت فلله نبرات صوت ما أسهل انسياب الضلال من ثقوبها. . إلى مسامع الأبرياء الذين لم يتعودوا إلا الحق وسماعه.
قُلتَ: إنهم فرحوا بك؟!
وهل كل فرح يُعتبر. . لكأنك من قوم قارون فَتُرشق بقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} .
ومعنى هذا الفرح أنهم هضموا خمسة عشر كتابا إن لم تزد أقلها صفحات ما حوى المائتين في تسعة أشهر على الأكثر، ثلاثة أرباعها عطل. هنيئا لك ولهؤلاء العلماء. .
وإذا قربت الامتحانات، خفقت القلوب، ووجلت الأفئدة، وسُهر الليل، وضُيعت فريضة الفجر ولا تسمع إلا همسا، فلله ابن عبد الفتاح حين وصفك في عصمائيته التي يقول فيها: والظهر منكوس.. [٢] .