بمقتضاه يفتت جهودهم, ويقضي على أحقادهم المسعورة.. فمن أجل ذلك ضاعفوا الجهود, وجندوا القوى, وهيأوا الوسائل الكفيلة بنجاح مهمتهم, حتى استطاعوا بهذه الجهود المتواصلة والسهر الدائب أن يحولوا أبناء المسلمين عن تراثهم الخالد, ويشلوا من حركتهم ويخمدوا تلك الطاقات الكامنة في أذهانهم, ومن العجب أيضا أنك تجد جميع الأديان غير دين الإسلام لها مبشرون ومنافحون بها يبشرون بها وينشرونها بجد ونشاط وهذا كله بغية ظهورها وانتشارها, مع العلم أن تلك الأديان والنحل ليس لها من الخلود والبقاء بعض ما للإسلام, أما الإسلام الذي هو الجدير بالعناية الكبرى فالمبشر به والداعي إليه قليل وأقل من القليل, وهناك بعض من ينتسب إلى الإسلام في كثير من البلاد الإسلامية إنما ينتسب إليه بالتبعية, أما تمثيله في نفسه وأخلاقه وعاداته وحياته الاجتماعية ففي جانب وهو في جانب آخر.
ولقد امتحن المسلمون عدة امتحانات وأصيبوا بعدة إصابات وأقربها تلك المحنة الكبرى التي مني بها المسلمون في القدس التي لا يزال جرحها يقطر دماً, وما من مسلم في جميع بقاع العالم يغار على الإسلام ومقدساته إلاّ وقلبه منها يتأجج نارا, وقد بات من الواضح لدى كل عاقل وكل منصف أن سبب توالي المحن وتتابعها على المسلمين وعلى مقدساتهم هو تخلي أكثر المسلمين عن تعاليم دينهم, فلو أنصف أولئك من أنفسهم وأدانوها, وفتحوا صفحة جديدة وغيروا من اتجاهاتهم التي لا تتفق ودينهم السماوي, لتيسر لهم كل خير ولانتصروا على عدوهم في كل ميدان.