للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا تصوير صحيح لواقع كل مدعو من دون الله وأن من في السماوات والأرض لو اجتمعوا لخلق ذرة فضلا عن ذباب لا يستطيعون، ولوقفوا عاجزين وهذا غاية الغايات في العجز، فإذا كان هذا حال المدعوين فلماذا لا يثوب الداعون لهم إلى رشدهم ولذا قال ما قدروا حق قدره إن الله لقوي عزيز، فهو قادر على كل شيء غالب على كل شيء إنما أمره إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون، والواقع أن الذين يستجيزون لأنفسهم دعاء غير الله لا يشعرون أن هذا النداء في هذه الآية موجه إليهم وأن هذا المثل فيها مضروب لهم ومن جراء فقدان هذا الشعور والإحساس لم يرهفوا أسماعهم لهذا المثل الذي قال الله فيه فاستمعوا له وإلا لكان لهم منه أكبر زاجر وأقوى رادع ولفتحوا أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم على قدرة الله الهائلة التي يصغر أمامها كل شيء فاتجهوا إليه وحده ضارعين وداعين.

٥- وقال تعالى مبينا غناه المطلق وفقر من عداه المطلق وأن المدعوين من دون الله جميعا صفر اليدين مما يتعلق به المشركون بهم الداعون لهم من دون الله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} .

فهذه الآية فيها تحطيم لكل أمل يتعلق به المشركون فالمدعوون من دون الله مع الأسف لا يملكون من هذا الملك الواسع والكون الكبير السموات والأرض مثقال ذرة لا على سبيل الاستقلال ولا على سبيل المشاركة والله غني غنىً مطلقا فليس هو سبحانه وهي متوقفة على إذنه، على أنه لا حظ فيها لهؤلاء المشركين الداعين لغير الله وإنما هي للموحدين فماذا استفاد المشركون؟

النار وبئس القرار، ولا كرامة.