وهذا موافق للآيات الكريمة من ناحية القصر والتأكيد وذكر المماثلة في البشرية وزاد أمرا آخر من لوازم الطبيعة البشرية فقال:"أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني".
وعن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما أنا بشر مثلكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بنحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار". رواه الجماعة.
وهذا الحديث يوافق الآيات والحديث السابق في استخدام الطريق نفسه والأسلوب عينه وفيه بالإضافة إلى إثبات بشريته نفي علم الغيب عنه وقد تقدم لنا في بحث المسألة الثانية أن عائشة رضي الله عنها استدلت على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربه بقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} رواه مسلم
وعائشة رضي الله عنها أعلم الناس به فلو كان رسول الله غير بشر لقال لها أنا لست بشرا ولأخبرتنا بذلك ولكنا نراها تحتج على عدم رؤيته لربه ببشريته وأن الآية تنطبق عليه والصحابة الكرام كانوا يعلمون أنه بشر وهو يؤكد لهم هذه الحقيقة وهم قد بلغوها إلى التابعين ومن بعدهم يتداولون هذه الحقيقة مؤمنين بها من أعماق القلوب كإيمانهم برسالته وهكذا نقف على هذه الحقائق الثلاث واضحة جليه على ضوء الكتاب والسنة تولى الله بيانها على أبلغ وجوه البيان بشتى الطرق كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك وليس بعد الحق إلا الضلال وما بعد بيان الله ورسول الله بيان فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والمرجع إلى الله وحده.
وهو سبحانه سيكافئ ويجازي كل امرئ بما يعتقد وبما يعمل والله نسأل أن يثبتنا على الحق والتمسك بالكتاب والسنة ويتوفانا على ذلك إنه سميع الدعاء.