الأول: وعليه الجمهور: أن {لاَ} هنا صلة على عادة العرب فإنها ربما لفظت بلفظة (لا) من غير قصد معناها الأصل بل لمجرد تقوية الكلام وتوكيده لقوله: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلا تَتَّبِعَنِ} يعني أن تتبعني وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ} أي أن تسجد على أحد القولين. ويدل له قوله في سورة ص {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ} الآية. وقوله:{لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} أي ليعلم أهل الكتاب، وقوله:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} أي فوربك، وقوله:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ} أي والسيئة، وقوله:{وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} على أحد القولين، وقوله:{وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ} على أحد القولين، وقوله:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا} على أحد الأقوال الماضية وكقول أبي النجم:
لما رأين الشمط القفندرا
فما ألوم البيض ألا تسخرا
يعني أن تسخر وكقول الشاعر:
وللهو داع دائب غير غافل
وتلحينني في اللهو أن لا أحبه
يعني أن أحبه و (لا) زائدة. وقول الآخر:
نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله
أبى جوده لا البخل واستعجلت به
يعني أبى جوده البخل و (لا) زائدة على خلاف في زيادتها في هذا البيت الأخير ولاسيما على رواية البخل بالجر لأن (لا) عليها مضاف بمعنى لفظة لا فليست زائدة على رواية الجر وقول امرئ القيس:
لا يدعي القوم أني أفر
فلا وأبيك ابنة العامري
يعني وأبيك. وأنشد الفراء لزيادة (لا) في الكلام الذي فيه معنى الجحد.
قول الشاعر:
وإلا طيبان أبو بكر ولا عمر
ما كان يرضى رسول الله دينهم
يعني وعمر و (لا) صلة وأنشد الجوهري لزيادتها قول العجاج: