ومن المقالات القيمة التي نشرت بهذا الصدد مقال بعنوان: الغزو الفكري لفضيلة الأستاذ ممدوح فخري المدرس بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بدأ المقال بالحديث عن كارثة سقوط الخلافة الإسلامية وزوال الدولة العثمانية، وأن هذه الدولة كانت تمثل مظهرا كريما من مظاهر الوحدة الإسلامية، وأن السبب الأساسي في سقوطها الدسائس اليهودية والمؤامرات الصليبية، ثم تحدث عن فكرة فصل الدين عن الدولة، وعن فكرة القوميات والعصبيات الجاهلية، وفكرة الوطنية وفكرة العلمانية، وعن شعارات المدنية والحضارة والتقدم، وعن الحركة النسائية وفكرة تحرير المرأة ثم عن برامج التعليم، ثم يختم مقالة القيم بالحديث عن تنظيم هذه القوى الغازية والاهتمام بمراكز القوة من أجل استمرار الغزو الفكري، وأنهم يتوصلون إلى ذلك باحتلال مراكز الجيش من أجل حماية الأفكار الدخيلة المناقضة للإسلام. ١٠-هو ص ٢١ (راجع العدد الأول – السنة الثانية –– رجب سنة ١٣٨٩هـ- مجلة الجامعة الإسلامية) .
من هذه المقدمة يظهر لنا في وضوح جانب من الحرب الاستعمارية الصليبية الفكرية ضد المسلمين، بيد أن أخطرها وأعنفها إنما يتمثل في السيطرة على التعليم والتحكم في مناهجه، وتوجيهها وجهة تحقق أهداف المستعمر وتنفيذ أعراضه ومراميه..
سبق أن قلنا أن جلادستون وقف في مجلس العموم البريطاني، وأعلن عن السياسة الاستعمارية التي هي امتداد للحروب الصليبية، وأنه لا قرار للإنجليز في مصر ما دام القرآن موجودا في أيدي المصريين، ومعنى هذا أنه أعلن الحرب على القرآن وعلى الإسلام، لكي يتم تمزيق الوحدة الإسلامية، ويسهل توزيع الدول الإسلامية غنائم على المشتركين في هدم صرح الخلافة الإسلامية ثم جاء (دنلوب) إلى مصر موجها لمدارس الحكومة، فسار على أهداف (جلادستون) وظل يناوئ وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم، ومفتاح عزهم وسيادتهم.