"لقد كان تأثير هذا العربي (ابن الهيثم) النابغة على بلاد الغرب عظيم الشأن فسيطرت نظرياته في علمي الفيزياء والبصريات على العلوم الأوروبية حتى أيامنا هذه.. فعلى أساس كتاب المناظر لابن الهيثم نشأ كل ما يتعلق بالبصريات ابتداء من الإنكليزي (روجر بيكون) حتى الألماني (فيتللوا) وأما ليوناردو دافنسي الإيطالي مخترع آلة (التصوير الثقب) أو الآلة المعتمة ومخترع المضخة والمخرط وأول طائرة – ادعاء - فقد كان تأثيرا مباشرا بالعرب وأوحت إليه آثار ابن الهيثم أفكار كثيرة. وعندما قام (كبلر) في ألمانيا خلال القرن السادس عشر ببحث القوانين التي تمكن (جليليو) بالاستناد إليها من رؤية نجوم مجهولة من خلال منظار كبير كان ظل ابن الهيثم الكبير يجثم خلفه. وما تزال حتى أيامنا هذه المسألة الفيزيائية الرياضية الصعبة التي حلها ابن الهيثم بواسطة معادلة من الدرجة الرابعة مبرهنا بهذا عن تضلعه البالغ في علم الجبر، نقول ما تزال المسألة القائمة على حسب موقع نقطة التقاء الصورة التي تعكسها المرأة المحرقة بالدوائر على مسافة منها ما تزال تسمى (بالمسألة الهيثمية) نسبة إلى ابن الهيثم) .
ورغم هذه الصفات وهذا النبوغ الذي شهد له بها فإنه يتحلى بروح علمية سامقة، إذ قرر أن الحقائق العلمية غير ثابتة، وأنها ليست غايات ينتهي إليها العلم بل كثيرا ما يعتريها التبديل والتغيير. وهو يؤمل ويرجو رجاء العالم المتواضع الوصول إلى الحقيقة فيقول: "ولعلنا ننتهي بهذا الطريق إلى الحق الذي يثلج الصدر ونصل بالتدريج والتلطف إلى الغاية التي عندها اليقين، ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات"
وهكذا يتضح أن منهج ابن الهيثم في العلم يلتقي مع المنهج العلمي الحديث وأربى عليه باعتبار سبقه الزمني.