تفضل الله تعالى على خليله محمد صلى الله عليه وسلم بتوفيقه للاتصاف بمكارم الأخلاق وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ثم أثنى عليه ونوه بذكر ما يتحلى به من جميل الصفات في آيات كثيرة من كتاب الله العزيز أقتصر على إيراد بعضها من ذلك قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فقد أخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة عما كان عليه المصطفى من أخلاق فاضلة ووصف خلقه صلى الله عليه وسلم بأنه عظيم، وأكد ذلك بثلاثة أشياء بالأقسام عليه بالقلم وما يسطرون، وتصديره بأن، وإدخال اللام على الخبر، وكلها من أدوات تأكيد الكلام، وذلك الخلق العظيم الذي كان صلى الله عليه وسلم ورد تفسيره عن السلف الصالح بعبارات متقاربة، ففسره ابن عباس رضي الله عنه بأن الدين العظيم وهو دين الإسلام وبهذا التفسير فسره أيضا مجاهد والسدي والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم، وفسره الحسن بأنه آداب القرآن، وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنه أنها سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت:"كان خلقه القرآن"ومعنى ذلك أن امتثال ماأمره الله به واجتناب ما نهاه عنه في القرآن وصار له خلقا وسجيه، وقد أشارت عائشة رضي الله عنها إلى ما يوضح هذا المعنى في حديث آخر متفق على صحته وهو أنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه سبحانك اللهم وبحمدك اللهم أغفر لي يتأول القرآن" أي كان يدعوا بهذا الدعاء امتثالا لما أمره الله به في سورة النصر في قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْه..} .